مدونة جعفر عبد الكريم الخابوري

أريد رأيكم

تحت شجرة البلوط

على ضفاف واد صغير كنت قد جهزت نفسي للمبيت كان المطر قد تسلل الى كل اطرافي و أغراضي وكان الخوف يلف ذلك المكان البعيد عن قريتي البعيد عن بيتي
احتضنت سلاحي المبلل وحدقت الى هذا الهدوء المطبق المسالم المخادع... لا شيء يجول في المكان سوى ضباب لطيف و الكثير من الوساوس والهلوسات
أحلام بريئة تراوح مكانها تأبى الخضوع للظلام وأماني ملونة مبتهجة لا تستسلم للسواد
تحت شجرة البلوط صنعت عشي لهته الليلة تجنبت كل الاشواك... تحت تلك الشجرة تعلمت الصمود
زحف عمي موسى نحوي ليخبرني انها مناوبتي في الحراسة وجدني مستعدا أوصاني كما يفعل كل مرة ألا انام ألا اغفو ألا اتسامح او اتردد مع كل متربص أو مقترب
واصل المطر حضوره الحذر وواصلت حذري المستمر
احدق تارة في قطاع مراقبتي وتارة اقضم بعض البسكويت ليبقيني منشغلا ليبقيني مستيقظا أخاف ان يسرق احد الأوغاد عمري
وسوس لي شيطاني يغريني يا ولدي خذ غفوة من ذا ينتبه هنا اقسم ألا غيرك يكلف نفسه هذا العناء
وصاح ضميري يؤنبني ويحك قد استأمنك على حياتهم كل الأصدقاء
تذكرت شيئا من أيام تدريبي عدٌلت جلستي و بقيت ثابتا أؤنس وحشتي بذكريات من كتاب الطفولة
يجتاحني الحنين لأيام كنت فيها بطلا مغوارا شجاعا في عين أمي
تهاجمني صور الماضي و فواصل تمنيت لو كانت أفضل
دروب كنت قد سلكتها لم تعجبني وها أنا الليلة أخلطها بنهايات من صنعي فتغدو ربيعا مزهرا فأفرح و ترتسم ملامح الرضى على وجهي البريء حينها
كنت جندي عاديا غير ذلك الذي تعرفونه من الأفلام لم اكن احمل صورا لعائلتي في خوذتي لم أكن أحمل رشاشا لا تنفذ ذخيرته... لم أكن أرى في الظلام ولا استشعر الأعداء و أباغتهم
لكني كنت جنديا مسلما أؤمن أني على حق و أنه لن يصيبني إلا ما كتب الله لي
كان ذلك الايمان هو سلاحي الحقيقي الذي دفعني الى السير على خطى رجال هانت انفسهم في سبيل الله
رجال كنت اتعلم منهم كل يوم ان التضحية من منازل الأخيار وان الشهادة للأبرار
رددت في جوف الليل أن الشجاع يموت مرة وأن الجبان يموت ألف ألف مرة
ثلاث ساعات طويلة
زحف عمي موسى نحوي ثانية ليخبرني هذه المرة ان ارتاح.... مضت مناوبتي وانسحب الليل واقترب الصباح وانسحبنا الى تل قريب
في ليلة ممطرة تحت شجرة البلوط تعلمت أن الظلام يفوت... ان ذكرى الابطال لا تموت
في ليلة ممطرة تحت شجرة البلوط كنت رجلا ادافع عن وطني

. . . . الخطير .